سأل شاب الشيخ محمد الغزالي عن حكم تارك الصلاة؟.
فقال الشيخ: حكمه أن تُقنعه وتأخذ يده إلى المسجد.
ما أحلى فتواه وما أجدره أن نحتذي به.
لم يكن الشيخ محمد الغزالي مجرد داعية أو واعظ أو خطيب ،لكنه كان مصلحا اجتماعيا فذا يقرأ المجتمع العربي والإسلامي ويشخص أمراضه ويضيف العلاج لها وكان متأثرا بالمصلحين الكبار من أمثال العز بن عبد السلام وابن خلدون ،ولم يكن كغيره من الفقهاء الذين همهم التعريف بالحكم الشرعي ،لكنه وضع المسألة في إطار أعم وأشمل، وكم نحتاج أن نعالج واقعنا المرير بهذه العبقرية الفذة وأن نهتم بمجتمعنا وبأمور ديننا. أصبح الدين في عالمنا اليوم عملة ليس لها رصيد مآله حتما إلى الإفلاس إذا لم يتدارك أهله البقية الباقية.
كم نحتاج إلى حيطة وحذر وتؤدة وتأن قبل إصدار الأحكام وكم فتوى أفسدت مجتمعا بحذافيره وأصلحت آخرين. لولا بعض الفتاوى المنحرفة الهدامة لم تزهق أرواح ملايين أبرياء ولم تهدر دماء أمة على وجه حرام .وكأنهم لم يعقلوا أن الفتوى توقيع عن الله في حكم من أحكامه.
إن الالتزام بقواعد الإفتاء واستشعار معنى التوقيع عن الله يؤدي الفتوى الرشيد التي توصل المجتمع و المستفتي العامل إلى بر أمان وتوطّد الصلة بين المجتمع ودينه وثقافته وتقاليده ودولته وبلسم حيوي في تضميد جراح الأمة برأب الصدع فيما بينهم .
الفتوى الرشيد نابعة من عمق مقاصد الشرع الشريف المطهر لسماحة الإسلام وجمال أحكامه تعد بابا من أبواب الدعوة إلى الله عز وجل ،فتيسير الفتوى لحل مشاكل الأمة ما لا يتناقض مع مبادئ الإسلام وقواعده ليست تمييعا للفتوى، كما أنها ليست من باب تحليل ما حرم الله .
الفتوى المبنية على إدراك الواقع والتفاعل معه تحمي المجتمع وتحفظه من عوامل الهدم والتفتيت وتحفظ على الناس دينها ومعاشها فمن أقيم في هذا المنصب أن يعدّ له عدّته وأن يتأهب له أهبته،وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه ،ولا يكون في صدره حرج من قول الحق والصدع به.
فالرسول رحمة مهداة للبشرية جمعاء كان يخفف للناس أمر دينهم هو القائل :(يسروا ولا تعسروا)، (الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبته)
وكان ينتصب للصلاة ينوي إطالتها فيعتريه بكاء صبي فيحفف الصلاة استفراغ قلب أمه لما تجده من وجد في بكائه.
ومن أكبر ما ألف في هذا الباب كتاب قيم لابن القيم الجوزي( إعلام الموقعين عن رب العالمين ).