الحلقة الأولى
جرت سنة الله عز وجل عند انهيار الدول أن تتغير أوضاعا كثيرة بسبب سقوط تلك الدولة؛ وقد أشار إلى ذلك العالم الاجتماعي ابن خلدون في حديثه عن سقوط الدول وانهيارها بقوله:.. وهكذا يتحول البلد إلى بقعة يلجأ اليه كل الخونة والمفسدين إلى أن يأتي الله أمة أخرى تحل محل تلك الأمة المنهارة وهذه سنة الله عز وجل في نهاية أمة وظهور أمة أخرى وتبدأ الحياة والعمران من جديد.”
فمنذ سقوط الحكومة المركزية في الصومال واندلاع الحرب الأهلية عام ١٩٩١م ولجوء الشعب الصومالي إلى شتى أنحاء العالم وإلى الدول المجاورة وإلى كينيا بصفة خاصة ومن ثم هجرتهم منها إلى الغرب والعودة منه عن طريقها تارة أخرى_ ادى ذلك ان تكون كينيا البلد الثاني للصوماليين عبورا وسكنا؛ حيث أصبحت العاصمة نيروبي جسرا يربط بين المجتمع الصومالي المقيم في الغرب والذين بقوا في بلد الام.
وانطلاقا من هذا سأدون في النقاط الآتية عن بعض المكاسب التي استفادت كينيا من انهيار الصومال:
اولا: مدخل تعريفي لجمهورية كينيا
١_ الموقع والسكان:
كينيا هي إحدى دول مجموعة شرقي أفريقيا (كينيا _تنزانيا – أوغندا وبورندي ورواندا وكونغو الديقراطية ) وسمي كينيا نسبة إلى جبل كينيا Mount Kenya.
ولم يكن هذا الاسم معروفا حدا وحدودا إلى أن جاء الاستعمار البريطاني في إفريقيا الشرقية.
و كينيا بلد متعدد الأعراق والإثنيات والمعتقدات ويبلغ سكانه قرابة ” ٤٧ مليون” حسب إحصائيات ٢٠١٧م لتعداد السكان، وفي البلاد اكثر من أربعين قبيلة اغلبها من أصول البانتو والنيليين والكوشيين والآسويين والعرب والاوربيين الذين جلبهم الاستعمار البريطاني من جميع أنحاء قارة أفريقيا ومن شبه القارة الهندية والقادمين من الجزيرة العربية.
ويعتبر قبيلة كيكويو أكبر قبيلة في كينيا ومن القبائل الأخرى ذات الكثافة السكانية قبيلة ماساي ولويو وكالنجين ومكامبا وبورنا وميرو وقبائل في الساحل من أصول عربية يمنية وعمانية وأخرى هندية.
واللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية في البلاد بجانب اللغة السواحلية بصفتها لغة رسمية ثانية.
٢_ الحالة الاقتصادية والسياسية في كينيا
تعد كينيا أغنى دولة في إفريقيا الشرقية وتلعب الزراعة دورا محوريا ؛حيث يعتمد عليها أغلب السكان ثم تربية المواشي فصيد الأسماك في المناطق الساحلية والبحيرارات كما تنموا في البلاد الصناعات الأساسية الصغيرة والحرف المهنية الاخرى كالتعدين.
كما تتمتع البلاد بأجواء معتدلة؛حيث تنزل الأمطار في فصلي الربيع والخريف والشتاء في المناطق الساحلية والوسطى والغربية والجنوبية بغزارة، وتقل الامطار في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية.
والحالة الاقتصادية في كينيا بصفة عامة كحال دول الأفريقية؛ إذأن نسبة البطالة المرتفعة تحول دون التنمية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية؛ رغم مستوى التعليم المرتفع فيها والايدي العاملة المتدربة لدى شريحة كبيرة _مقارنة مع بعض الدول الإفريقية.
أما الحالة السياسية فكينيا دولة ديمقراطية تتمتع باستقرار سياسي نسبيا وتعايش سلمي بين كافة أفراد المجتمع بغض الطرف عن لونهم ومعتقدهم.
وتتبع كينيا النظام الرئاسي الجمهوري للحكم عن طريق تنظيم الانتخابات البرلمانية بغرفتيه والرئاسية بعد كل خمس سنوات وتسلم السلطة للفائزين بطريقة سلمية وفي حالة النزاع على النتائج فالجميع يثق بالمحكمة العليا ويتجه إلى القضاء لفصل الخصومة.
ولكينيا تحالف مع مجموعة الكومنولث في السياسات اللغوية والتعليمية والاقتصادية
كما تعد العاصة الكينية نيروبي مقرا رئيسا لعدد من المؤسسات الدولية والعالمية والإقليمة بما فيها فروعا للمنظمة الدولية وهيئات عالمية متنوعة لكل أهدافها الخاصة في المنطقة والعالم.
ثانيا: موقع الصوماليين من كينيا
يعيش المجتمع الصومالي في شمال شرق كينيا المعروفة اختصارا باسم NFD و هي من أكبر مناطق كينيا من حيث المساحة مع ضعف في التنمية الحكومية وغياب الخدمات الاجتماعية عنها؛ حيث تعاني المنطقة من التخلف والجهل والحرمان بسبب الفساد الإداري حاليا والتهميش الحكومي سابقا بجانب المشكلات الأمنية والجفاف المتتابع رغم محاولة الحكومات الإقليمة والحكومة المركزية للسيطرة على الاوضاع،هذا موقع الصوماليين من كينيا.
أما قصة مسيرتهم إلى كينيا فقد جاءت مع الاستعمار الأوروبي؛ حيث قسموا بلدان إفريقية الشرقية بما فيها الصومال بين دول الجوار على خمسة أجزاء، فأضاف البريطانيون جزءا كبيرا من جنوب غرب الصومال إلى كينيا وقبيل جلائه خير البريطانيون الصوماليين في كينيا أحد ثلاثة خيارات:
إما الانضمام إلى الصومال الأم أو الإعداد للاستقلال بعد ثلاثين عاما من كينيا أو البقاء معها مدى الحياة فاضطروا مكرهين للخيار الأخير بسبب خلق الفوضى والاضطرابات..
تابع في الحلقة الثانية…مراحل هجرة الصوماليين إلى كينيا..