نحن الذي افتخرنا بنظم القصائد والأشعار ، ورعاية الإبل وحمايتها ، وتربية الخيول وترويضها ، ونسينا بأن الحضارة في محو الأمية وتعليم الصبيان القراءة والكتابة ، وبناء المدن ، وتأسيس المستشفيات لإنقاذ المرضى ومداواة الناس ، وصناعة المدارس والمكاتب ، والإستفادة من الطبيعة وتسخيرها لخدمة الإنسان ، وإكرام المرأة والإعتراف بعقلها ومكانتها.
نحن أمة كانت ترحل إلى حيث يوجد الماء والكلأ ، ونسيت بأن ترحل إلى حيث تجد فيه العلم والصناعة .
نحن أمة أنتجت ألف شاعر وشاعر وعجزت أن تنتج عالما واحدا يقوم بكتابة اللغة الصومالية وإقناع الجميع بإستخدام الحرف الصومالي ، وهكذا ضاعت تاريخنا ومعظم أدبنا لأن ما كتب استقر وما حفظ فر.
نحن أمة عاشت في أرض مليئة بالخيرات ولم تفكر يوما بتعلم صناعة الذهب والفضة ، وإستخراج المعادن ، وإنشاء مصانع بسيطة محلية ، وكنا نبيع العطور والبخور والعاج وجلود النمر والفهد وكل هذا من الطبيعة وليس من نتاج عقولنا ، وكنا نشتري بالمقابل ما يصنعه إنسان مثلنا.
نحن أمة امتلكت ثاني أطول ساحل في إفريقيا وربما في تلك القرون كنا نمتلك أطول ساحل في إفريقيا لكننا كنا نموت في سنوات القحط أفواجا وجماعات ، والأسماك مليئة في البحر ، وأرضنا خصبة وليس فيها شعب يزاحمنا الأرض ؛ لنعمرها ونستفيد منها.
نحن أمة خرج من بينها زعماء وشعراء ولكن فشلت في كل هذه السنين أن يخرج منها شخص واحد عنده طموح كبير ويحلم بتوحيد الأمة الصومالية كلها تحت شعار واحد ، ولم يفكر أحد بهذا حتى أتى المستعمر إلينا فقام بإحتلال أرضنا ، وعندها علمنا بأن هناك شيئا إسمه الدولة أو الجمهورية وقبل هذا ما كنا نعلم بهذا أصلا.
نحن أمة افتخرت بالشعر والحسب والنسب وهي تعيش في عالم التخلف وكان فينا أقوام يحبون الصناعة والصيد والفلاحة فقمنا بالعنصرية والسخرية ضدهم واعتبرناهم أناس متخلفين لأنهم كانو مختلفين عنا.
نحن أمة أكرمت الشعر والشاعر واحتقرت الصناعة وصاحبها ، وقامت بإهانة الصياد والفلاح ، وأعظمت مكانة البدوي واحتقرت دور أصحاب المهن والمواهب ورجال الحرفة.
نحن أمة عاشت في عزلة عن العالم ولا نزال نعيش في عزلة وإن سافرنا ورأينا العالم والتحقنا بالجامعات ، وعملنا في كل الدول ودخلنا حتى في برلمانات العالم وأماكن صناع القرار في الدول العظمى لأن التخلف في عقولنا.
تخرج أبنائنا من جامعات هارفارد وأكسفورد واستانفورد والكامبرديج ولكنهم أخدو عنها القشور ونسو الجوهر ، أخدو الشكليات وتركو أسرار الحضارة ، أخدو من أوروبا وأمريكا المأكل والملبس والمشرب والتحدث بلغة الفرنجة والخواجة ، ولم يأخدو من هناك أصول العلم وفنون الصناعة وأسرار الفلسفة ومقومات الدولة وأسباب بناء الأمة والدولة لأنهم وإن كانو في أوروبا فقد كانت عقولهم في إفريقيا ، ذهبت أجسادهم لميدان العلم والحضارة وبقيت عقولهم أسيرة في سجن العنصرية والقبلية والتخلف ، وليس هناك فرق بين الأكاديمي الصومالي في أمريكا والبدوي الصومالي في الصومال عندما يتعلق الأمر بالسياسة والدولة ، وحتى الفقيه العابد الزاهد النقي التقي لم يسلم من مرض القبلية
الإنسان الصومالي يتعلم العلوم والمعارف ولكن القبلية جعلته صما بكما عميا وحيل بينه وبين الحياة بسبب القبلية ولولاها لحكم العالم وملك الأرض بإذن الله وكان قوة لا يستهان بها ولكنه أسير للقبلية وقد رضي بها منهجا ودستورا وحياة وبئس ما رضي به واتخده أسلوبا للحياة
Post Views: 18