شهدت يوم الأرابعاء حفلة تنصيب السيد الرئيس عبد العزير حسن رئيسا ثانيا لولاية جنوب غرب الصومال بحضور وفود رفيعة المستوى بقيادة رئيس البلاد السيد محمد عبدالله فرماجو ورئيس مجلس النواب محمد مرسل حيث تمّت الفعالية في القصرالرئاسي للولاية في مدينة بيدوا العاصمة الانتقالية لها.
وفي هذه العجالة نحاول إستعراض اهم مايمكن ان يعالجه الرئيس وما الذي يجابهه من المطبات خلال السنوات الاربعة القادمة:
التاسع عشر من ديسمبر/كانون الأول في العام المنصرم 2018 كان حدثا مفصليا لتاريخ ولاية جنوب غرب الصومال فقد تم إنتخاب السيد الرئيس عبدالعزير حسن رئيسا ثانيا للولاية بعد فوزه بأغلبية ساحقة في الجولة الاولى من الانتخابات بين منافسيه الاربعة.
لم تنعقد الانتخابات في الجدول الانتخابي المرسوم لها إذ طرأ عليها عطل فني تكرّر اكثر من مرتين حيث كان من المفروض إنعقادها في 17من نوفمبر ما ادى ذلك الى إنعدام شرارة الحماسة للانتخابات وخاصة بعد إنسحاب السيد الرئيس السابق شريف حسن شيخ ادم من الترشح للمرة الثانية لرئاسة الولايةعلى التوالي ، وحدوث حالة من البلبلة السياسية التي حصلت جراء حملة الانتخابات بسب إعتقال الشيخ مختار روبو القيادي السابق لحركة الشباب والمتنافس لرئاسة الولاية.
ومن المعلوم فقد كانت تعاني المناطق التابعة لولاية جنوب غرب الصومال ولاتزال من تحديات كثيرة ولم تعالجها كل الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد إثر انهيار النظام الدكتاتوري السابق واشدّها تلك التي تتعلق بالأمن والإستقرار.
اذاً، ماذا يجب على الحكومة الجديدة فعله وماالذي تضع في الحسبان للتركيز عليه؟
وهذه القضايا التي سنوردها بإقتضاب هي اهم ما يتوقّع ويحتاج الشعب اليه :
-الأمن:security
اصبحت كلمة الأمن من أكثر الكلمات إنتشارا على ألسن سكان الولاية حيث ظل الأمن شريان حياتهم بل عمود تجارتهم وهذا من اكبر التحديات التي تطلب من الحكومة معالجته.
-الصحة: Health
تنتشر مراكز صحية في ربوع الولاية الا انها لا تلبّي حوجة المجمتع حيث لايهمّ تلك المراكز سوى جمع المال ولذلك سكّان المنطقة يحتاجون لمرافق صحية عامة يستوي ارتيادها الغني والفقير وهذا من اهم اساسيات إحتياجات الشعب.
-التعليم: Education
التعليم معيار كيان المجمتع وبه تتطوّرالامم فقد ظل التعليم في الولاية لايصل للمستوى المطلوب رغم كثرة المدارس والجامعات الا انّ ذلك لايعني انّ التعليم قد قفز لأشواط بعيدة المدى حيث عدد الطلبة أقل من الذين لايسعفهم الحظ في إنتظام في سلك الدراسة لعلة او بأخرى إما انهم عزفوا عن المقاعد الدراسية بسبب الجهل عن قيمة العلم او بسبب عدم قدرتهم على تسديد الرسوم الدراسية وانطلاقا من ذلك، تكثيف جهود نشر العلم بين اوساط الشعب ضروري جدا وفتح المجال امام كل فرد وهذا اقل واجب من حقوق الشعب.
-خلق فرص العمل: Job creation
خلقت البطالة حالة الانهزام النفسي وعدم المضي قدما لدى كثير من الشباب وخاصة بعد تخرّجهم من الجامعات والمعاهد،رغم ظاهرة العطالة اصبحت معضلة عالمية في معظم بلدان العالم الا انها يمكن تقليلها بعمل مشاريع عمل صغيرة تلبّي على الاقل حاجة الراغبين في الوظائف .
-بناءالدولة والحكم الرشيد :state building &good governance
وبعد إنهيار الحكومة المركزية في البلاد إنهار كل شيء حتى ومن الصعب إستيعاب مفهوم الدولة لدى الجيل الذي تزامن مع هذا الوضع اللاحكومي والذي اصبح لايدرك فحوى النظام سوى الاسم والذي بموجبه ظل عائقا امام سير الاعمال السياسية المبنية على الحوكمة ومن هذا المنطلق ينبغي لحكومة لفتغرين تكثيف جهدها لتقوية وعي الشعب المرؤوس لمعرفة مفهوم الدولة حتى لا تصطدم بواقع بائس خال عن الوعي السياسي المنشود.
ومن المعلوم فإنّ كل حكومة صومالية تسيطر على إدارة البلاد لاتركّز على بناء وعي الشعب سياسيا لذلك نجد انها لاتقدر على إيصال رسالتها كما تريد وترتطم بالرفض والامتعاض الشعبي تجاه سياستها ولا احد يتساءل عن الدوافع التي افضت الى حدوث ذلك وعدم المضيّ قدما.
وانّ الواقع في الصومال لازال ينبني على سياسة المحاصصة القبلية ؛ فإنتقال من حكومة قبلية الى حكومة شاملة يحتاج ذلك لسنوات عدة .
وفي هذا الصدد يتبادر الى اذهاننا هذا السؤال: كيف يمكن تخطي على هذه الحواجز امام مفهوم الدولة؟
والجواب بببساطة هو عقد ندوات مفتوحة لنشر ثقافة الدولة والحوكمة وتدريب الجهات المستهدفة على هذا المجال بأي وسيلة من وسائل الإعلام والإرشاد .
-الفساد الاداري: Administrative corruption
ظاهرة الفساد اضحت السوس الذي لايزال ينخر جسد كيان الدولة ولهذا نراها عائقة امام سير المشاريع التنموية .
و الفساد إنتشر -كانتشار النار في الهشيم -في مفاصل الدول الافريقية ناهيك عن الصومال ومن هذا المنظور على حكومة لفتغرين ان تبذل قصار جهدها في محاربة الفساد وخاصة انّ الولاية تفتقر الى بناء البنى التحتية وتطوير المشاريع التنموية ولتنفيذ ذلك يجب ادارة الاموال المخصصة لهذا الأمر بشفافية .
رفع نمو الاقتصاد: Enhancement of economic growth
ومن البديهي جدا انّ الانسان لايمكن العيش بدون الحصول على مصدر دخل منتظم فضلا عن مؤسسات الدولة التي في الغالب يعتمد عليها الشعب بالمنظور العالمي .
ومن المعلوم بالضرورة ان الهرم الحكومي من العامل البسيط وحتى الرئيس لاتستقيم لهما الحال مالم يوجد مصدر دخل معتمد عليه، وانطلاقا من هذه الزاوية هناك ثلاث مجالات رئيسية لا بد من التركيز عليها كي يتحسّن الاقتصاد في الولاية:
١.الموارد الطبيعية:Natural resources
تحتلّ الولاية موقعا هاما بين المناطق الأخرى في الصومال حيث تتمتّع بموارد طبيعية مختلفة منها الزراعة بشقيها النباتي والحيواني والمعادن .
نظرا لوجود اراضي شاسعة خصبة والثروة السمكية ايضا فقد يمكن ان تتحول الولاية قبلة للمستثمرين اذا اولت الحكومة اهمية قصوى للاستفادة من هذه الموارد بصورة أنسب ووضعت خطط استراتجية واضحة المعالم خلال فترة الحكم.
٢.القطاع الصناعي: industrial sector
الصناعةهي عصب حياة البشر وبدونها لا تستمر ؛فمنذ انفجار الثورة الصناعية في العالم في القرن التاسع عشر والثامن عشر تحوّل العالم الى توظيف كل طاقته لإنتاج جديد فبدأ التنافس على السوق العالمي ومن هنا رغم توفّر الامكانات في المنطقة من مواد خام إلا انّ هذا الحقل الصناعي تم تهمشيه على مستوى الصومال ولم يوجد حتى الآن مصانع ملحوظة تذكر والتي تخدم البلاد ، ومن المطلوب من حكومة لفتغرين ان تساهم في تفعيل مجال الصناعة وتشجيع التجار دوليا ومحليا على الاستثمار في التصنيع حتى الصناعات الصغيرة كي تشارك تخفيف عبء البطالة وتطوير مستوى الاقتصاد.
فان الخدمات الأخرى التي تتحظّى بها الولاية من المواني والمطارات والنقل البري لهي مصادر اقتصادية قوية توثّق عرى الدخل المحلي والقومي ايضا اذا تمّت ادارتها بصورة مدروسة ومحكمة.
٣.الموارد البشرية : Human resources
تتسم الولاية بإيواءها النسبة الاكبر من مجموع سكان الصومال ؛ ما يتيح للولاية فرصة كبيرة لإستغلال تلك الموارد في كل مجالات التنمية من التعليم ،والدفاع العسكري، ورفع كفاءة القوى العاملة وتنشيط مشاركة بناء الدولة .
فتوجيه هذه الموارد الى قبلة التطور عبر تدريبها وتعليمها وتشغيلها على أسس علمية رشيدة سيرفع ذلك المنسوبين المادي والفني.
فتأسيس الاقتصاد ذي الركن المتين يحتاج لتضافر الجهود المحلية والعالمية وخاصة اننا في أمس الحاجة الى كوادر اقتصاديين وخبراء مخضرمين في مجال الادارة والتنمية وكل ذلك لا يتمّ الا بوجود قيادة رشيدة يحيط بها بطانة صالحة.
وفي الختام ومن السهل ان يتولّى كل قائد على منصب رفيع لكن من الصعب ان يترك أثرا يقتفى بل يحتذى به.
ومن الطبيعي وجود تحديات جمة ماثلة أمام فخامة الرئيس السيد عبدالعزيز حسن خلال حكمه للولاية ولكن من الواجب ان يضع في الاعتبار ان يعيّن وزراء أكفاء يقفون الى جنبه خلال الرحلة الشاقة في خدمة الشعب.
وهناك توقّعات كثيرة لدى شعب الولاية حول تنفيذ الخطط والاستراتيجيات التي سردها اثناء حملة الانتخابات هل سينفذها ام سيتركها في مهب الرياح؟
وعلى كل حال فرسالتي اليك سيد الرئيس ان تأتي بسياسية رشيدة يستوي فيها القوي والضعيف والغني والفقير ؛وان تكون وعودك تحت التنفيذ حسب المستطاع فالله لايكلف نفسا الا وسعها؛ وان تبتعد عن البطانة السيئة فضرهم اكثر من نفعهم.
أرجو للصومال عامة وللولاية خاصة التقدم والازدهار،و الامن والاستقرار، والعدل والمساواة.