الصومال وكينيا دولتان متجاورتان، تتقاسمان حدودًا يبلغ طولها 681 كيلومترًا، وتتمتعان بعلاقات جيدة بشكل عام، وقد استفادت كينيا من الاستثمار المالي لرجال الأعمال الصوماليين في أراضيها، مما أدى إلى خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية.
تشهد العلاقات السياسية بين البلدين حالة مستقرة بشكل عام، على الرغم من وجود خلافات عرضية بناءً على موقف كينيا عندما تحاول الحكومة الفيدرالية الصومالية اتخاذ قرارات سياسية بشأن إدارة جوبالاند.
غالبا ما تنظر كينيا إلى الصومال من منظور أمني، ولهذا السبب غالبًا ما يكون لدى البلدين وجهات نظر مختلفة بشأن قضايا جوبالاند، على الرغم من أن المصلحة الوطنية الكينية تكمن في في المركز في مقديشو.
في هذا التقرير نحاول التركيزعلى القطاع الأمني - المرتبط بالأمن الوطني في كلا البلدين وما فيه مصلحة الحكومتين!.
لقد غيرت كينيا فجأة استراتيجيتها الأمنية والدفاعية تجاه الصومال بعد أن وصلت إليها النيران التي أشعلتها حركة الشباب في الصومال!.
في ذلك الوقت، كانت هناك ثلاث حقائق منعت القيادة الكينية من مشاهدة ما يجري متفرجة دون التحرك العسكري وهي:-
1- أن حركة الشباب بدأت بتنفيذ عمليات اختطاف داخل كينيا، مما أثر سلباً على السياحة الكينية.
2- بدأت حركة الشباب بإعداد جناح لها لتنفيذ هجمات في كينيا وتنزانيا وأوغندا في عام 2010!
3- حركة الشباب تسيطر على الحدود بين الصومال وكينيا!.
بدأت العملية العسكرية الكينية الأولى تجاه الصومال الاستيلاء على بلدة طوبلي في 15 أكتوبر 2011، أعقبها هجوم عسكري في كيسمايو في أكتوبر 2012.
ولا ننسى الدور الذي لعبته قوات “كمبوني” والجيش الوطني الصومالي المدرب في كينيا.
وكانت من إنجازات هذه العملية:
1- تأسيس ولاية جوبالاند في مايو 2013
2- إخراج حركة الشباب من مدينة كيسمايو التي كانت تشكل العمود الفقري لها في ذلك الوقت “المصدر الاقتصادي”.
3- سعت كينيا لتنفيذ خطة إنشاء منطقة عازلة لمحاربة حركة الشباب في جمهورية الصومال الفيدرالية، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام كينية آنذاك.
لكن هل نجحت خطة كينيا في جوبالاند؟.
الجواب مربك حقًا، وذلك بذكر الحقائق التالية:
1- تزايدت التهديدات التي تشكلها حركة الشباب على كينيا!.
2- الحدود بين البلدين ما زال مفتوحا أمام الإرهاب.
3- تقع معظم أراضي جوبالاند تحت حركة الشباب الصومالية، والتي تحرك أقدامها داخل جوبالاند وكينيا!.
إن وجهة النظر الكينية التي هي تطبيق للاستراتيجية الأمنية مع الصومال قد تؤدي إلى خلاف بين البلدين، مما قد يقوض حسن الجوار والتعاون بين حكومتي الصومال وكينيا، ولذلك، ينبغي النظر إلى العلاقة بين الحكومتين من منظور مختلف، مع التركيز على القضايا التالية:
1- ينبغي على كينيا أن تفهم أن الحكومة الفيدرالية الصومالية مسؤولة عن كل شبر في الصومال، وبالتالي لا ينبغي لها أن تتجاهلها وتتعامل مع الحكومات الإقليمية في القضايا الداخلية.
2- تشكيل حسن جوار قادر على تحسين العلاقات الثقافية والاقتصادية بين الحكومتين، والتي يمكن أن تؤدي إلى علاقات تجارية وتفاعل اجتماعي.
3- ضمان أمن الحدود المشتركة الطويلة بين الحكومتين.
4- يجب أن تصبح حكومة ولاية جوبالاند مكانًا للاستقرار السياسي والإداري الذي يتفق عليه المجتمع، وإلا فقد تنشأ الفوضى التي قد تؤثر على كينيا.
5- التعاون السياسي لتعزيز دورالبلدين في المنطقة والعالم.
6- إن تعافي الصومال يصب في مصلحة استقرار وازدهار منطقة القرن الأفريقي ومجتمع شرق إفريقيا ككل، ويمكن تحقيقه من خلال التعاون بين البلدين الصومال وكينيا.
7- إن فرص الاستثمار في الصومال المستقرة يشكل حالة أفضل من خلال خلق الفوضى السياسية التي أدت إلى عدم الاستقرار وانعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي في جوبالاند.
8- جوبالاند هي إدارة صومالية تابعة للحكومة الفيدرالية الصومالية، ومن مصلحة كينيا دائمًا الأخذ في الاعتبار لآراء الشعب بشأن من يريد انتخابه لقيادة تلك الإدارة. ولذلك، ليس لدى كينيا أي مصلحة بشأن تنامي وجهة نظر الشعب الصومالي القائل بأن نيروبي تتدخل في شؤون جوبالاند، الأمر الذي قد يؤدي إلى القطيعة والصراع الذي قد يضر بحسن الجوار والتعايش السلمي.
9- إذا كانت كينيا مهتمة بأمن حدودها مع الصومال، فيمكنها دائمًا مناقشة ذلك مع الإدارة التي يرضى عنها الشعب، ولكن ليس بمقدور شخصية واحدة حماية أمنها ومصالحها السياسية.
10- إن سياسة كينيا تجاه جوبالاند بحاجة إلى مراجعة لتحقيق ما يصب في مصلحة حكومتي الصومال وكينيا.
إعداد: الأستاذ عبد الرحمن سهل يوسف.
