الشيخ عبد الرحمن البخاري من كبار علماء الصومال، ومن الذين صبروا على طريق الدعوة، وثبتوا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لقد قضى قرابة ثلاثين عامًا في تفسير القرآن الكريم، لا يكلّ ولا يملّ، يفسر، ويعلّم، ويربّي، ويخرج للأمة أجيالًا من الدعاة والطلبة، والعارفين بالله، وحلقاته في التفسير عامرة طيلة تلك السنوات.
إنه شيخ مبارك، كالغيث أينما حلّ نفع.
عمل الشيخ معلمًا للقرآن الكريم، ومفسرًا لكتاب الله. تخيّل ثلاثين عامًا ، والشيخ يجلس في كل ليلة – تقريبًا – يشرح ويفسّر، ويقرأ ويدرس، وينير الطريق لمن حوله من التلاميذ والناس.
طلبته انتشروا في الآفاق، وكلّهم يحملون من نور العلم ما غرسه فيهم هذا الشيخ الجليل ، وقد تعلم على أيديهم – بعد تخرجهم – خلق كثير، وكأن بركة الشيخ امتدت إلى تلاميذه وتلاميذ تلاميذه.
تأمّل معي: كل عام، يُخرّج الشيخ شبابًا وفتيات، رجالًا ونساءً، أمهات وآباء، أتمّوا حلقات التفسير، ونالوا منه الإجازة، شهادة وبركة وعلمًا.
وكم من رجل يذهب إلى المسجد بالسيارة، يصحب عائلته لحضور درس الشيخ!وكم من معلم معروف يجلس بكل تواضع وحبّ بجوار طلابه ليستمع إلى تفسير آية!
وكم من سلطان أو شيخ عشيرة يدارس التفسير مع طفل في عمر أحفاده. وكم من غنيّ ميسور الحال يتناقش بكل احترام مع طالب علم فقير، يجمعهما مجلس العلم!
وكم من أسرة تَلمذ الأبوان على يد الشيخ، ثم أتى أبناؤهم بعد سنوات ، وجلسوا في نفس الحلقات التي جلس فيها آباؤهم!
رأيتُ الشيخ في منابر المدارس، واقفًا بثبات أمام الطلاب، يقرأ لهم كتابًا من كتب الفقه والصلاة في طابور الصباح.
ما أعظم همة الشيخ! وإن تواضعه واستمراره في نشر العلم، وحرصه على الحضور في أوقات الدروس، درس لكل طالب علم وشيخ من شيوخ الأمة.
في الليالي يُلقي دروسًا في التفسير، وفي الصباح الباكر يشرح للطلبة صفة الصلاة، ولا يتخلف عن درس أبدًا.
وقد أخبرني طلبة الشيخ بأن الشيخ – ما شاء الله – له شرح بسيط للدرس، وإدارة دقيقة للحلقات العلمية، ونظام مرتب للغاية لمتابعة مستوى طالب العلم.
وينقل شرح الدرس بسرعة إلى أذهان الناس، فيختم تفسير القرآن في مدة قياسية مقارنة ببقية العلماء، ولهم جميعًا علينا فضل وشكر ومنّة.
وللشيخ أيضًا قياس محدد من كتاب الله يشرحه للناس كل ليلة، وهو بهذا آية في إدارة الوقت مع تحقيق الأهداف المطلوبة كل ليلة.
الاستاذ عبدالرحمن راغي علي