بناء مجتمع معرفي
1ـ العلم سبب للريادة في الدنيا والنجاة يوم القيامة، به تصعد الأمم والأفراد قمة الدرجات العالية، وبفقدانه أوضعفه تنحط الشعوب جماعات وأفرادا إلى دركات التخلف، والشقاء في الدنيا والآخرة.
2ـ وأخس العلم وأحطه خير من الجهل،وقد ضرب القرآن الكريم لذلك مثلا لسحرة بني إسرائيل من قوم موسى عليه السلام؛ لأنهم من خلال علمهم بالسحر وتخصصهم به أدركوا الفرق بين معجزة موسى وبين سحرهم الذي يعتمد على الحيل والخداع والحبال والعصي وإن كان سحرا عظيما كما وصف به الرب تبارك وتعالى بقوله: ” وجاءوا بسحر عظيم”
والسحر العظيم لا ينتجه إلا ساحرعظيم، متمكن ومتفنن فيه، وهذه المعرفة قادتهم إلى الإيمان بالله وبرسله والخرور إلى السجود ” فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسىوهارون” فكأنَّ قوة المعرفة والانبهار بها أرغمتهم على السجود لرب العالمين..
وهذا هو سبب ورود حدث سجودهم في جميع آيات القرآن بصيغة لما لم يسم فاعله “فألقي” من الذي ألقاهم؟ إنه الإيمان الذي نشأ عن العلم وإدراك الحقائق والانبهار لأجله حيث لم يجدوا اختيارا آخر غير السجود وإعلان الإيمان في وسط الجموع الهائلة من الكفار في يوم مشهود، وأمام أعتى طاغية مر على وجه الأرض، غير آبهين بما يفعل بهم بعد إشهار إيمانهم..
وقالوا له بملئ أفواههم: ” قاقض ما أنت قاض”. وهذا من دأب الإيمان الذي ينطلق عن علم راسخ، ومعرفة تامة، بخلاف الإيمان الذي ليس له مولِّدات علمية، ولا أرصدة معرفية، فصاحبه قد يتلكأ ويتذبذب ويضطرب في مثل هذه المواقف المهولة التي ترتعش لها الفرائص، وتتحير فيها العقول إلا من يثبّته الله تعالى بحبال العلم والمعرفة!
ثم لم يتخلف عنهم أحد حسب ظاهر القرآن بل كلهم آمنوا برب العالمين، ولم يؤمن حينئذ أحد غيرهم من الجماهير الغفيرة الجاهلة التي خرجت لتصفيق الطاغية، وتثبيت عرشه!
وهكذا العلم يشيل صاحبه من أسفل الدركات إلى أعلى الدرجات، وينقله من أذيال الأمم إلى قيادتها، والجهل هو عكس ذلك،إنه لمرض عضال، ووباء فتاك قاتل، وظلمة وموت” أفمن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثّله في الظلمات ليس بخارج منها”
د. يوسف أحمد محمد
















