إنتخب مجلس الشعب الصومالي الفدرالي يوم أمس الإثنين النائب محمد مرسل شيخ عبدالرحمن رئيسا للمجلس وسط منافسة ساخنة جرت بينه وبين 10 أعضاء آخرين، وقد فاز السيد مرسل بـ 147 صوتا مقابل 118 صوتا حصله منافسه السيد إبراهيم إساق يرو.
وكان السيد محمد مرسل شيخ مرسل من أقوى المرشحين لتولى رئاسة البرلمان خلفا للبرفسور محمد شيخ عثمان جواري الذي إستقال من منصبه مطلع شهر أبريل الماضي إثر بروز خلافات حادة بين أعضاء المجلس.
وكان وزير الدفاع السابق السيد محمد مرسل من أبرز أعضاء البرلمان الذين قادوا الحملة السياسية الموجهة ضد السيد محمد شيخ عثمان جواري طمعا للوصول إلى منصب كرسي البرلمان، أهم منصب سيادي بعد منصب الرئاسة الجمهورية في الصومال.
وقد لقي إنتخابه رئيسا للبرلمان ترحيبا واسعا من مختلف مكونات الشعب الصومالي، كما أطلقت الرصاص إلى الهواء في مقديشو العاصمة تعبيرا لفوزه في الانتخابات.
من هو رئيس البرلمان الجديد؟
ولد النائب محمد مرسل شيخ عبدالرحمن في مدينة بيدوا عام 1957م، وتلقي تعليمه الأساسي في مدينة بيدوا 1984م، ثم درس العلوم الاجتماعية من جامعة العلوم والتكنلوجيا اليمينة عام 2914م، وأصبح نائب رئيس الإدارة المحلية لمدينة بيدوا 1993-1995م، ثم تم إختياره عضوا في البرلمان الصومالي الإنتقالي 2009م كما تم تعيينه سفيرا للصومال لدى تركيا 2012م، وأنتخب للمرة الثانية في عضوية البرلمان 2016م، ثم تولى حقيبة وزارة الدفاع في 2017م، وتم إنتخابه رئيسا لمجلس النواب الصومالي في 30-4-2018م.
دلات إنتخاب النائب “مرسل” في الانتخابات.
توجد عدة عوامل ساهمت في تحقيق فريق السيد مرسل الإنتصار في الانتخابات التي أجرت تحت قبة البرلمان يوم أمس ومنها:-
- الإعداد الجيد من قبل فريقه، والعمل بسرية تامة خلال أيام الحملات الانتخابية، وفي ليلة التاسع والعشرين من شهر أبريل 2018م كشف الفريق أوراقه السياسية ومناوراته الأخيرة لأنصاره داخل أعضاء البرلمان.
- البسطة في المال خاصة في الليلة الأخيرة من الحملة الانتخابية وهو سر حصوله على 83 في الجولة الأولي من الإنتخابات الأمر الذي رجح كفته في الانتخابات في الجولة الثانية.
- خلق تحالفات وتكتلات قوية داخل البرلمان تحت إشراف السلطة التنفيذية، وهو ما شكل مفاجأة كبيرة للمعارضة وإن كانت الأخيرة حققت تقدما غير متوقع في الجولة الأولي والثانية أيضا.
- تشتت المعارضة الصومالية، وتضارب المصالح السياسية، مع عدم بروز زعامة سياسية مقبولة، تملك مبادرات سياسية، وقادرة على إحتواء مشاريع المعارضة المفككة لمواجهة قوة السلطة التنفيذية المتنامية في الساحة.
- شح الموارد المالية لدى النائب إبراهيم إساق يرو الذي نجح في اجتياز الجولة الأولي من الانتخابات، ولوكان يملك سيولة كبيرة من المال لاستطاع تأمين أصوات 139 في اليوم الأخير قبل الانتخابات.
- أثيرت شكوك ومخاوف حول النائب إبراهيم إساق يرو من قبل أنصار السلطة التنفيذية من أعضاء البرلمان وهي إمكانية تمرده على الحكومة، ونشوب حرائق سياسية جديدة في المستقبل القريب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما يؤدي إلى إسقاط الحكومة.
- ضعف تأثير الولايات الفدرالية الصومالية على أعضاء البرلمان الصوماليين المقيمين في مقديشو العاصمة وذلك لثلاثة أسباب رئيسية:- تواجد أعضاء البرلمان في العاصمة الصومالية مقديشو لكونها مقر القرارالسياسي في البلد لتقرير القضايا السياسية وبالتالي فإن فرصة الحكومة الفدرالية اكبر من فرصة رؤساء الولايات الفدرالية.
- وقوف الحكومة الصومالية إلى جانب النائب محمد مرسل شيخ عبدالرحمن بالتخطيط، ورعاية الحملات الانتخابية أيضا، وبالتالي فهو كان المرشح الأوفر حظا لتولي منصب رئاسة البرلمان
التأثيرات الخارجية على العملية الانتخابية واردة لا محالة، شأنها في ذلك شأن عموم الانتخابات الصومالية السابقة واللاحقة أيضا.
التحديات الماثلة أمام رئيس البرلمان الجديد
وتوجد حزمة من التحديات الكبيرة الماثلة أمام رئيس البرلمان الجديد السيد محمد مرسل شيخ عبدالرحمن وأبرزها:-
- إنقسام ظاهر في صفوف أعضاء البرلمان حيث لم صوت 118 لصالح النائب إبراهيم إساق يرو وهي نسبة معتبرة علما بأن بعض المصادر المطلعة لا تستبعد تشكيل تكتل سياسي مدعوم من المعارضة داخل مجلس النواب، وبالتالي المطلوب من رئيس البرلمان الجديد إحتواء هذا الإنقسام وتقريب وجهات النظر بين أعضاء البرلمان لخلق أرضية مشتركة تساهم في أداء المجلس دوره في الدولة.
- تغعيل دور السلطة التشريعية في مصادقة القوانين المعلقة، والمساهمة في دفع الجهود الرامية إلى مراجعة وتصحيح الدستور الإنتقالي وطرحه للإستفتاء الشعبي قبل حلول عام 2020م
- تحسين الظروف الأمنية والمعيشيّة لأعضاء البرلمان، وذلك من خلال إنشاء مقرات ومساكن خاصة لهم، أو رفع أجورهم.
- محاسبة السلطة التنفيذية باستدعاء الوزراء الفاشلين في أعمالهم، وتوجيه الأسئلة إليهم وسحب الثقة منهم إذا اقتصت الضرورة دون حساسية من الحكومة.
- ترميم وإعادة بناء مقر البرلمان الحالي، لأن آثار الإنهيار بادية في المبني الرئيسي للمجلس، ولابد من ترميمه، أو هدمه لبناء مقر يليق للبرلمان الصومالي.
- المساهمة في إرساء قواعد وأسس القضاء في الصومال، وذلك بتشكيل مجلس القضاء، والمحكمة الدستورية بالتنسيق مع السلطتين التنفيذية والقضائية.
سياسية جديدة
لقد إستفاد الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو من أخطاء الحكومات الصومالية السابقة التي إشتهرت بخلافات سياسية بين الرئاسة الجمهورية وبين رئيس الوزراء، فاختار رئيس وزراء يدور في فلكه، وهو ما لم يكن معروفا من قبل.
ويعتبر هذا صفحة جديدة في السياسة الصومالية المضطربة منذ 1991م، وأنتصارا أيضا على الكيانات القبلية التي تجري فقط وراء مصالحها الخاصة، متجاهلة المصالح العليا للوطن.
ومهما يكن من أمر فإن السلطة التنفيذية حققت أهدافها بانتخاب شخصية موالية لها، كما سددت ضربات سياسية جديدة إلى المعارضة السياسية الصومالية، ويرى البعض أن السطة التنفيذية تفكر من الآن فصاعدا الإحتفاظ على السلطة الانتخابات الرئاسية القادمة 2020م.
المصدر: قراءات صومالية