فرغت صباح اليوم (غرة ذي الحجة) من الاطلاع على كتاب (خيرة العقول المسلمة في القرن العشرين ٩٥ص) للدكتور محمد المختار الشنقيطي، وهو كتاب اختار فيه تناول سبعة من علماء الإسلام ومفكريه في القرن العشرين ، بناء على معايير ثلاثة، هي : الجمع بين ثقافتي الشرق والغرب، والجمع بين الفهم الشرعي والموقف الشرعي، والجمع كذلك بين عمق الفكرة وإشرق الروح.
والعلماء المفكرون السبعة هم- كما عنون لهم المؤلف- :
١. محمد إقبال : أعجمي ذو لحن حجازي.
٢. محمد عبد الله دراز: عاشق القرآن الكريم.
٣. مالك بن نبي: فيلسوف الحضارة الإسلامية.
٤. إسماعيل الفاروقي: حامل هم الشرق في الغرب.
٥. علي عزت بيغوفتش: إسلامي بأفق إنساني.
٦. محمد أسد : الباحث عن ملة إبراهيم.
٧. محمد حميد الله : راهب العلم المتبتل.
وكل واحد من هؤلاء العلماء الأعلام جبل شامخ في ميدانه، وعملاق رائد في مجاله الذي ارتاده وبرز فيه أكثر من غيره من المجالات، وترك ثروة فكرية علمية أدبية إصلاحية وجهادية كان لها أثرها في العالم الإسلامي، ولكنهم جميعا لم يحظوا بالاهتمام والعناية التي يستحقونها، ولم يزل كثير من تراثهم مخطوطا، وبعضه لم يترجم الى العربية بعد.
والذي استوقفني اكثر من غيره هو العملاق السابع الذي عنونت له في المقال، ربما لكونه إخر العهد كونه آخر السبعة في الكتاب، وربما لكنه أجدهم علي، حيث كانت معرفتي السابقة به ضعيفة جدا بخلاف البقية ، اذ ان اسمه لم يعلق في ذاكرتي قبلا، رغم وقوفي على أشهر كتبه بالعربية وهو كتاب ( مجموعة الوثاىق السياسية للعصر النبوي والخلافة الراشدة) ، ولذلك ارتأيت أن أشارككم بعض المعلومات التي استوفقتني عنه ربما تتوقفون عندها أيضا:
١. الشيخ الأساتذة الدكاترة:
تحت عنوان نهم للعلم لا ينقضي ذكر الشنقيطي ان محمد حميد الله (العالم الهندي الحيدرآبادي) حصل على شهادتي ليسانس، وشهادتي ماجستير ، وشهادتي دكتوراه، وجمع بين تخصصي الدراسات الإسلامية والقانون الدولي.. بالإضافة الى إجازة في القرآن الكريم في المدينة المنورة ، كانت اثمن شهاداته وأحبها الى قلبه.
٢. موسوعة لغات: حيث تعلم وأتقن نحو عشرين لغة، تعلم بعضها بعد الثمانين من عمره، منها : العربية، والأردية، والفارسية ، والتركية، واللاتينية والفرنسية، والانجليزية، والألمانية، والإيطالية، والروسية ، والبولونية، والدنمركية، والسويدية، والفلنظية. والطريف في الأمر أنه كان من آخر ما تعلم من اللغات: اللغة التايلاندية التي درسها بعد ما تجاوز عمره الثمانين.
٣. كان من ثمرة موسوعيته اللغوية انه اسهم في خدمة القرآن الكريم بعلمين جليلين:
الأول: ترجمته البديعة للكتاب العزيز الى اللغة الفرنسية ، وقدم لها بمقدمة ضافية في علوم القرآن وتاريخه. ولم تكن توجد ترجمة ءات قيمة للقرآن الكريم الى هذه اللغة المهمة إلا ما كان من أعمال استشراقية شابها التحيز وضعف التذوق للغة القرآن . وقد اشتهرت ترجمة حميد الله وانتشرت بين المسلمين الناطقين بالفرنسية في فرنسا وكندا وغرب افريقيا. ثم اعتمدها محمع فهد لطباعة المصحف الشريف وطبعها بأعداد وفيرة.
والعمل الثاني: أنه تتبع في كتابه (القرآن بكل لسان) تاريخ ترجمة القرآن الكريم ، وقدم جردا لترجمات الكتاب الكريم إلى حوالى مائة وخمسين لغة.
٤. ألف وحقق عشرات المجلدات ، وكتب حوالى الف مقال، واشترك في كتابة وتحرير عدد من الموسوعات، منها: دائرة المعارف الإيلامية باللغة الأردية ، والاطلس الكبير للأديان بالفرنسية، ومن مؤلفاته: (مجموعة الوثاىق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة)، وكتاب ( رسول الإسلام: حياته وآثاره) وصفه الشنقيطي بأنه من أمتع واجمع ما كتب في السيرة النبوية واحسنه حبكة وترتيبا في مجلدين، وكتاب (نظام التربية والتعليم في عصر النبي صلى الله عليه وسلم) وكتاب ( مبادين الحرب في العصر النبوي) وكتاب ( اول دستور في العالم) وهو تحقيق لوثيقة المدينة في العصر النبوي ، و ( هل للقانون الروماني تاثير على الفقه الإسلامي)
كما حقق عددا من الكتب ، منها: سيرة ابن اسحاق (ت 151هجرية)، وكتاب (السير الكبير) لمحمد الشيباني، وكتاب (الردة) للواقدي، وكتاب (أنساب الأشراف) للبلاذري، وكتاب ( الأنواء) لابن قتيبة، وكتاب ( التحف والذخائر) للغساني، وكتاب ( السرد والفرد) للقزويني.. وغيرها.