ما أروع الاستثمار في الإنسان
مما استوقفني خلال مشاركتي في هذه الورشة الحضور الكبير لخريجي الجامعات العربية، ولا سيّما خريجي السودان. وقد ذكّرني بذلك المثل الصومالي القائل: “من نام وضعت بقرته ذكرا”
ويُروى أن بقرتين كانتا في أيامهما الأخيرة للوضع تعودان لمالكين متجاورين؛ وكان كلٌّ منهما يراقب بقرته ويترقّب مولودها. ولسوء حظ أحدهما أنّه نام تلك الليلة، فيما ظلّ الآخر يقظًا يتابع. وفي منتصف الليل مخضت البقرتان؛ فولدت بقرة اليقظ ذكرًا، وولدت بقرة النائم أنثى. وكعادة بعض المجتمعات الفقيرة التي تكدح لتأكل ولا تتحرّج فيما تأخذ، استبدل صاحب البقرة اليقظ ذكر بقرته بأنثى جاره وبدّل بينهما. وحين استيقظ النائم وجد بقرته قد ولدت ذكرًا، والأخرى أنثى، فأجابه صاحبه بأن بقرة النائم هي التي ولدت ذكرًا!
ومن هذا المثل استنتجت أن الدول التي شدّدت شروط القبول على الطلبة الصوماليين في جامعاتها ومدارسها، وضيّقت عليهم إجراءات الدخول إليها، قد خسرت الاستثمار في الإنسان الصومالي. بينما الدول التي فتحت أبوابها، وفي مقدمتها السودان، قد ربحت الاستثمار فيه؛ إذ يتصدّر خريجوها اليوم مواقع مؤثرة في القطاعين العام والخاص. وحتى إن شاركهم خريجو الدول العربية الأخرى، فإنّ الغلبة تبقى لخريجي السودان.
ولكل الدول العربية، وسائر الدول الصديقة، خالص الشكر والتقدير، كلٌّ بحسب ما قدّمه ووقوفه معنا في أوقات الأزمات. وعند الشدائد تُعرف الإخوان