هنا اقدم لكم مصطلحًا مصطنعًا غير مفهوم بالمرة لاقول ليس من حقّ أحد أن يحدّد المفاهيم والمصطلحات التي لا يستطيع فرد أن يحددها، وأن يستغل معناها ومفهومها ثم يفرضها، ولي حق أن أفكر وأتسائل بعض المصطلحات الموجودة في الساحة والمستخدمة في المنابر الرسمية والمؤسسات الإجتماعية مثل المفكر.
وقبل أن أدخل في صلب الموضوع يطيب لي أن أشير إلى أن هناك مصطلحات مستحدثة لم تكن بالأمس القريب كما لم تكن معروفة قبل سنوات قليلة، ولا يفهم أحد كيف يستحق الإنسان بهذه الألقاب البرّاقة مجانا وبدون تعب، ام هناك شروطا يجب تحقيقها كى احصل هذا اللقب الفخم العظيم؟وهل هناك أدوات للمفكر واشتغالاته اليومية؟
متي يكون الإنسان مفكرا؟.
وهل يوجد كلّيات وجامعات تخرّج المفكرين وتمنحهم الشهادات لنعترف بهم ونستفيد منهم مثل الهندسة والطب والشريعة وغيرها من الكليات؟!.
ماهي شروط المفكر ومتطلبات التفكير الناجح؟!
ما الذي يمنع شخصا ما أن يدَّعي أنه مفكر مادام ليس هناك تعريف شامل ومانع يحدد المفكر ومستواه من العلم والمعرفة؟!
أم هي منزلة بين منزلتين يستخدمها كل من لم يجد فرصة لتحصيل الشهادات المعترفة والمناصب الرفيعة؟
هل من احد لديه استمارة قائمة المفكرين لنقوم بتعبئتها؟
هل المجال مازال مفتوحا للجميع ليترشح المترشحون؟.
لم أسمع بعدُ امرأة يقال لها مفكرة، من يفيد لنا هذه المعلومة لنضعها في قائمة المنتسبين الي المنزلة المرتقبة والمنقبة الشامخة،ام التفكير نصيب الرجال وحصة للذكور؟
كيف رأيكم من يدعي أنه مفكر، وينكر النصوص القطعية علماً انه يدَّعي الإسلام كما شاهدنا من بعض القنوات الفضائة؟
هل يوجد علي الكرة الأرضية أحد ليس له تفكير إلا المجنون؟ بل قيل حتى المجنون يفكر في عالمه الخاص لكنه لا يخطط!!!
أسئلة أترك إجابتها للمتابعين لأواصل رؤيتي في التفكير والمفكر.
تتبعت كثيرا بعض المنشورات في ساحات التواصل الإجتماعي لبعض الحداثيين الذين تأثروا بعض من بدؤوا مسيرتهم الفكرية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي تقريا في باريس على يد كثير من الأدباء السريالين والماركسيين والعبثيين، ولقي استجابة لدى الماديين والعلمانين والملحدين في الشرق والغرب، حتى وصلت الفكرة إلى العالم الإسلامي وتأثر به كثير من أبناء جلدتنا وممن يتكلمون بلغتنا، وبدأوا يصرخون بأسماء برّاقة وتعاريف مستحدثة، وراءها مقاصد أخرى أهمها التباس الحق بالباطل، واتساع دائرة الكفريات من حيث لا نشعر.
يقال إنه المفكر الإسلامي، ثم يجاذب الحديث ليقول لنا: ليس في الكتاب والسنة ما يسمى حد الردة.
يواصل حديثه ويتحدى الذات الإلهية مع سوء أدبه مقلدا أصدقاءه المسيحين ليقول لنا” الله ليس مسلما”، ويشرح قصده من هذه الكلمة قائلا:” الله ليس حكرا لأحد” ولا نعلم هل المسلمون على الحق أو المسيحيون !!
بعد هذا كله هل هناك أحد يبرر هذا التفكير الذي يتجاوز كل الحدود البشرية لتنال يده خالق البشر، حقاً ليس هذا تفكيرا بل يستحق التكفير والمعاقبة بما يستحق من الحدود التي انكرها هو!
اغرب من هذا من يدعي الدعوة ويتكلم بلسان العلماء ويعتبر نفسه مفكرًا كأصحابه ثم يؤيد الملحدين والفاسقين، وينال جهابذة العلماء ليل نهار.
ليعلم جميعا أنني لا أنكر التفكير الإيجابي أساسًا، ولا أنكر أن هناك أناسا مفكرين، كما أُلِّفت كتبا في هذا الفن وأحسن ماقرأت في هذا وخاصة من التراث الإسلامي، كتاب ” تكوين المفكر” للدكتور عبدالكريم بكّار حفظه الله ورعاه، لكنني أتسائل من يقوم بالتفريق بين المفكّر والمخرّف حتى نعرف.
وردت كلمة التفكير في القرآن الكريم ثماني عشرة مرة بألفاظ مختلفة ومعاني متقاربة، منها قوله تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، وقال تعالى(لوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
أما تعريف المفكر فاختلف فيه المعرّفون، فقال بعضهم”
* شخص يحمل العديد من الأفكار والنظريات ذات المعرفة الواسعة.
* الشخص الذي تكون مهنته (العلم، الطب، القانون، الأدب) وينهمك في إنتاج ونشر الأفكار.
* شخص ذو خبرة فنية وثقافية بارزة تمنحه وزن ومكان مرموق في الخطاب العام.
* هو رَجُلُ فِكْرٍ وعِلْمٍ يُعْمِلُ عَقْلَهُ لِيَصِلَ إِلَى حَقَائِقِ الأُمور. ملاحظة: خصصوا التفكير هنا للرجل فقط.
بعد هذه التعريفات يبقى التساؤل باقيا ان الذين عرّفوا مصطلح المفكر لم يتفقوا علي تعريف شامل مانع حتى نميّز بين المفكرين وغيرهم ولم نجد بعدُ جامعات تخرّج المفكرين وتمنحهم شهادات بتخصص التفكير والمفكر حتى يكون الأمر واضحا ويقف كلٌ عند حدوده لأجل ذلك يكون إطلاق المصطلح مفتوحا للجميع حتى نتفق معا، ولن نسمح ان يكون نصيبا مفروضا لؤلئك المخرّفين المنحرفين عن الجادة!.