أيام الزّمان وفي الثانوية العامة مابين 1998-2001م كنا نستمع بشغف حلقات برامج السياسة بين السائل والمجيب،في قسم العربي للإذاعة البريطانية،وأكثر زملائي دخلوا في عالم السياسة على مستوى الولايات والفيدرالية،ومنهم من قضى نحبه وهو يخدم بلاده في المجال السياسي، ومنهم من في الميدان وفي تقلبات عالم السياسة المبنية على المحاصصة القبلية، وبما أنّه ليس هناك علاقة بين السلطة والقبيلة في الدولة الحديثة، بل المواطنة والخبرات كفيلة لاستمالة أصوات الشعب ونيل المناصب ،ولكن الصومال وما بعد تجربة عرته 2000-2020 م هي الدولة الوحيدة في العالم التي هي عبارة عن اتحاد قبائل الصومال حسب المحاصصة المشهورة ويتمّ اختيار البرلمان على ذاك النظام، ويفتخر الوزير بأنه فاز بكرسي عشيرته،وسيخلف بعده ولد عمه أوقريبه استخلافا لاغير،وأمام الصحافة والكاميرا والندوات السياسية يتغنى كل باسم قبيلته وموقعها من السياسة حسب زعمه
وَنَحْنُ أُنَاسٌ، لا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا **لنَا الصّدرُ، دُونَ العالَمينَ، أو القَبر
كنتُ في العاصمة مقديشو وشاهدتُ الانتتخابات التي أجريت عام 2000م في مدينة عرتا في جيبوتي لاختيار الريس عبد القاسم صلاد(أغسطس 27, 2000 – أكتوبر 14, 2004م) ،وبعد تشكيل مجلس الوزراء وانتقال الحكومة إلى مقديشوا وترحيب الشعب لها، رفضها زعماء الحرب في مقديشو- واليوم بعضهم نواب في مجلس الشيوخ الحال-ي، واخيرا تم تأسيس تحالف للمعارضة من السياسيين وزعماء الحروب باسم
Somali Reconciliation and Restoration Council (SRRC)
في الجارة أثيوبيا 2001م، والذي فاز بالسلطة عام 2004م في مؤتمر إيمبغاتي الذي انعقد في الجارةكينيا، وفي مدينة ألدريت في كينيا اختار البرلمان الانتقالي بأغلبية ساحقة بالرئيس العقيد عبد الله يوسف(2004 – 2008) في إيمبغاتي-كينيا، وبعد تشكيل الحكومة وانتقال الحكومة داخل البلاد في كل من مدينة جوهر وبيدوا كعاصمة مؤقتة للبلاد ، وبعد هزيمة المحاكم بأيدي القوات الإثيوبية دخلت الحكومة العاصمة مقديشو في أواخر 2006م، بعدها قامت فصائل المقاومة واتحاد المحاكم وبعض الساسة إنشاء تحالف في أسمر لإعادة تحرير الصومالِ ARS بقيادة شيخ شريف الذي فاز فيما بعد بانتخابات جيبوتي 2009م. حيث انتخبه البرلمان الصومالي المشترك في جلسته التي انعقدت في جيبوتي في 2009م، وانتقل إلى القصر الرئاسي في مقديشو بعد تعيين شرماكي رئيسا للوزراء ،وفي عام 2012م عقدت داخل البلاد وفي العاصمة مقديشو جرت الانتخابات التي فاز فيها الرئيس حسن شيخ محمود (16 سيتيمبر 2012- 8 فبرايوا 2017م)وبعد انتهاء فترة ولايته، عقدت الانتخابات في العاصمة مقديشوا وفاز في الانتخابات الرئيس الحالي السيد محمد عبد الله فرماجوا8 فبرايوا 2017م بعد حصوله في الجولة الثانية على أصوات 198 نائبا من أصل 328 شاركوا في الانتخابات، من بين 21 مرشحا،وعيّن السيد حسن علي خيري رئيسا للوزراء وبدوره شكل حكومة أغلبها من المغتربين التي أجبرت كثيرا من الشبان إلى اللجوء والاغتراب ليجد جوازا أجنبيا ليتوظّف في بلده،ويتقلد منصبا سياسيا مرموقا لا ليستقرّ في المهجر.
وأخيرا ونحن في عتبة الانتخابات، ونشاهد صباح مساء ما يصاحبها من حالة شدّ وجذب،وقد أسس تحالف في فندق الجزيرة في مقديشو للمرشحين والمعارضين لسياسة الحكومة الحالية واختير الشيخ شريف رئيسا للمجلس وعقد مؤتمرا للتشاور في21-26 نوفيمبر 2020م، وأصدر المجلس بيانا شديد اللهجة مكونا من18 بندا في الانتخابات المقبلة ، وكيفية إجرائها بشفافية ونزاهة واجماع وطني،
فهل يفوز هذا التحالف كما فاز التحالفات الأخرى للتغيير في عرف السياسة الصومالية، ؟
أم يعاد انتخاب الرئيس الحالي لفترة ثانية في سابقة لم تحدث في سالف الأيّام؟
ولعلّ المتابعين والمحللين يقرّون بصعوبة التنبوّ في مشهد الانتخابات الصومالية ،
والأيام والشهور القادمة حبلى بالمفاجآت، فانتظروا وارتقبوا.