سيأتي يوم تنظر فيه إلى عمرك فإذا بك وقد مضى وانقضى معظم عمرك وذهب شبابك ، وتتذكر أصدقائك وقد تفرقو في أرض الله الواسعة ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، ثم يمر بطيفك ذكريات كثيرة ، تتذكر مسقط رأسك وعن صباك وطفولتك وبرائتها وعن جنون الشباب وطيش الفتوة ، والكرة والأصدقاء ، ورفاق القلم والتعليم ، والمدرسين وقصص المشاغبين ، ونكتة ظريفة قالها أحدهم ونصيحة سمعتها من مدرس مخلص متفان في عمله ، ونصائح الأهل وتضحيات الأقارب ، وأحضان العائلة والحب اللا مشروط ، وعن حبك الأول والنظرة الأولى في الحب ومغازلة الشباب لصبايا الحارة ، ومعركة كسب قلب الحسناء ، وحياء البنات في ذاك الزمن الغابر ، وعن وضع الفتاة يدها وكتبها فوق صدرها حين تمشي خجلا وحياء.
تتذكر الزمن الجميل ، ليالي المطر ، الأدوات الجميلة في العصر الغابر مثل الساعة اليدوية والراديو ، وعن موسيقى BBC القسم الصومالي ، وعن صوت نجوم بي بي سي ، الأسماء الكبار وعمالقة الصحافة ، وعن برامج الأطفال في يوم الجمعة ، وعن مسابقات المدارس والراديو ، وعن القلوب الصافية والمحبة بين الجيران ، وعن الأعراس التي كانت تقام في البيوت ، وعن الأعراس الذي حضرتها وعن الأولاد الذين أنجبهم هؤلاء الذين تزوجو حينها ، إنهم رجال ونساء الآن ، وعن روح العمل والتضامن بين المدرسين ، وعن تضحية المدرس ، وعن التفاني في العمل ، وعن البركة في الراتب ، وعن البدو ، وعن المزارع ، وأحواض السباحة الطبيعية
وتتذكر بمحبة عالم الكتب ، الكتب المطبوعة والمجلات ، وحضور حلقات العلم ، وعن المقاهي الكبرى في المدينة ، وعن الطرق الرئيسية والمراكز الهامة حينها في المدينة ، وعن محلات التصوير وطرق إلتقاط الصور وعن الصورة ” Black and White” ، وعن العطلات والأسفار ، وعن الشيوخ والندوات والفتاوى وعن الخلافات بين طلبة العلم من الجماعات الإسلامية..
وتتأمل في ذكرياتك حول الروح الوطنية التي كانت في نفوس الشباب ، وعن الحلم الصومالي بعودة الدولة، وعن الحروب وأخبارها هنا وهناك ، وعن الثياب والمعارض الجديدة ، والأعياد والمناسبات ، واللوح والحبر والورق والقلم ، وعن القمر والمصباح والسراج، وعن ظهور التلفون ، وعن التليغرام Taarka ، وعن المحلات التي كنا نسميها Branches ، ووصول الهواتف إلى الأمة وألعاب الثعبان في هاتف Nokia ، وعن ال Memory ، وعن كتب الحب وقصائدالعشق ، وعن كتاب ” كيف تتعلم العربية بدون معلم ” و ” أهم كلمات من اللغة الإنجليزية ” وعن مطبعة عبدالواحد في مقديشو ، وصوت المفسر عمر الفاروق والشيخ محمد رشاد ، والشيخ Boqol-soon وعن الورد الذي كان يقرأه الصوفية في المساجد بعد صلاة الفجر.
وتتذكر بكل حب ومحبة الخياط ، وملابس Eestaro والحذاء Jambal وعن ثوب الكبار Fotoshaari ، وعن مسدس وهواتف الأطفال ، وعن الحلوى ، وعن توزيع الحلوى و Daango في مساء الجمعة ، وعن قصص الجدات ، وحلم الطفولة ، وقصص الأم ونصائح الأب وعن نقود الجدة وعن هدايا الجد وعن زيارات الأهل ، وعن تجولك في يوم العيد في بيوت الأهل
وتتذكر أيضا التلفاز وقصة قدومه إلى البيوت ، وعن ذكريات صدام والفلوجة واللاعب الذي قيل بأنه قتل أخاه ، وعن وصايا كبار السن ” لا تشر بإصبعك نحو الغيوم ” ، وعن الخباز والخبز الإضافي المجاني الذي كان يقدم لنا بكل محبة Suubiska ، وعن الذهاب والإياب ” Jarmaado iyo caraabo “وعن عملية بيع الحليب ” Caano-teelka “.
وتتذكر أيضا ثمن الحليب في أيام الخير ، والأطعمة الطبيعية العضوية ، وعن الشلن الصومالي الذي كان عملة لها قيمة في الأسواق وعن فئة 500 شلن صومالي ، وعن الصرافين ، وبائعي الشراب ، والمتجولين الذين يبيعون اللوز ، وعن حمل المرآة في الجيوب ، وعن الملابس الكبيرة الفضفاضة ، وجلوس الكبار حول المسجد ، وعن منع الأطفال من الصلاة في الصف الأول ، وعن أشهر الناس في ذاك الزمان وهو المعلم ، وتتذكر أيضا ما كان للمعلم من إحترام بين الناس وإحترام المجتمع لطالب العلم ، وعن ألقاب المعلم Awga والتكية Mawlaca ، وعن احترام الطالب أثناء مروره الطريق وتوقف السيارات حتى يعبر الطلبة الطريق ، وعن زيارة الأهل للأهل قبل عصر التكنولوجيا ، ومراعاة الوقت .
وتتذكر أيضا عادة سفر شخص من الأهل من بعيد Socdaal للإطمئنان على أخ أو صديق أو ابنة أو ابن أو حفيد وعن الكرم الحاتمي ، وكون الكرم فضيلة قبل أن يصبح الجبن وسيلة من أجل الثراء ، وعن جلوس المتخاصمين للنقاش وروح التنازل وعدم الفجور في الخصومة ، وعن خوف الناس بأن يحلفو بإسم الله تعظيما وتقديسا ، وخوف الناس من شهادة الزور.
وتتذكر أيضا عن المعارك بين أولاد الحارة Kalareebta iyo sabaaxadda وعن dhuclayda / afargoolayda وعن مطاردة الثعالب ومحاربة القرود.
وعن ذهاب المدرسة قبل رؤية خيوط الشمس ، ووقوف المدرس أمام المدرسة وقراءة الطالب للأدعية التي تعلمها على يد هذا المعلم ” اللهم اكفنيهم بما شئت ” ، و” حسبي الله ونعم الوكيل ” ، و ” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ” ، وعن المثل المشهور ” العصا لمن عصى ”
وتتذكر أيضا هيبة المعلم في نفوس الناشئة والصغار ، والإختفاء حين يمر المعلم الطريق أو قرب الملعب حتى في يوم الجمعة ، وعن محاسبة المعلم لكل من يلعب كرة القدم أو تسول نفسه بأن يتجول في السوق دون سبب ، وعن كون المدرسة سجنا حيث كان المعلم يحبس فيها الطلبة الذين لا يحفظون الدرس جيدا ، ويمنعهم من الذهاب إلى البيوت لأكل الفطور “Bareega ” أو ” Biririfta” ، وعن تخريب الأولاد للقفل في المدرسة ، وجهاز المخابرات في الفصل للمعلم ، وعن الطلبة الجواسيس وعن العقليات المدبرة لعمليات الشغب والفوضى ، ورائد الفصل كنا نسميه ” كبير ” ، وعن الصداقة ، وعن ثقافة Tabalcaaro.
وتتذكر أيضا أولاد الحارة ، وفترة الشباب ، وتعلم الغزل ووجود شيء إسمه الحب ، وكتابة رسائل الحب ، وكتابة الرسائل في هاتف Nokia ، وعن السهر ليلا في الدردشة بإستخدام Tooshle وهو Niicle حاليا ، وعن عصر نوكيا الهاتف المحترم الذي لم يفضح شخصا
وتتذكر أيضا عن الإهتمام والحماس للتعلم والتعليم ، وعن القراءة في المساجد ، والقلب الكبير للمدرس ، وطابور المدرسة ونشاطات الطلبة ، وأصحاب الصوت الجميل ، وعن حفظ قصائد العرب وحضور حلقات النحو
وتذكر أيضا يا عزيزي طبخات الأم ورائحة المطبخ ، وعن الولائم ، وعن السيارات التي تمر في الشارع في منتصف للليل وصوتها الذي يصل الى مسامعك ، وعن عدم نوم الأطفال في صباح الجمعة وعن النوم المفاجئ في صباح يوم السبت ، وعن ذهابك للكرة صباحا ومساء بعد خلعك زي المدرسى في عتبة الباب بل وتخلع القميص قبل وصول البيت بأمتار كثيرة.
وتتذكر عن النوم في الليل في وقت مبكر ، وخلود الجميع للراحة بعد إستماع نشرة الأخبار ل BBC ، وعن قصة الكائنات الشريرة Qorismariska و Juudaanka في ليالي البرد والشتاء، وعن الندى فوق الأوراق والزهور في الصباح الباكر ، وعن الماء الذي يتقطر من سقف البيت ويصنع خطا مستقيما على فناء البيت الإسفنتي ، وعن الضباب في موسم الشتاء ، وعن الدخان الذي ينتبعث من الفم
وتتذكر أيضا قول الأمهات ” بعد المغرب يتجول الشياطين ويبقى الأولاد في البيوت ” ، وعن المصابيح التي كانت تضيء المسجد صباحا قبل عصر الكهرباء ، وعن احترام الأخ الكبير وكل من هو أكبر منك عمرا ، وقيامك من الكرسي ليجلس عليه ، وسماع كلمته ، وعن ألعاب Cub iyo cir ، وألعاب
[ Jarakabood / Laandhuu/Tuug iyo laadar / giraagin la baaciyo / Taraqa/dhuudhuumashaalay]
وتتذكر أيضا الكرة Four و Five وعن Play station وعن Shaneemada وأبطال الأفلام الهندية ، وعن الأفلام ، و عن مسلسلات رمضان ” الصحابة ” ، وعن الشخصيات المهمة مثل عمر المختار ، وعنترة بن شداد
وتتذكر إنتشار الأناشيد الإسلامية في تلك السنوات ، وعن Aaboow badaa galayaa وعن الألغاز وحلها ، وعن الأطباء والغرفة العجيبة التي كانو يجلسون فيها ، وعن تمثيل الطفل بأنه مريض حتى لا يذهب للمدرسة ، وعن الفرحة بعدم الذهاب للمدرسة لمرض المعلم أو بسبب الأمطار أو لسبب طارئ آخر
وعن قراءة وجه المدرس كل صباح ، وتغير مزاج المدرس بين يوم واخر ، وعن قول الأهل” لي العظم ، ولك اللحم والشحم”
وتذكر أيضا معي Dareeriska و Subciska ، وعن نظرة الأمهات لعيوننا لمعرفة إن ذهبنا للسباحة أم لا.
وعن الولائم ، وتضامن الجيران ، وتجمع الشباب في المجالس ، والسينما ، وعن الزواج والخيول التي كانت ترافق موكب العروس والعريس “Galbiska” ، وعن رقصة البنات والسيدات في الأمسيات في أيام الزفاف ومعرفة حفلة العرس بكثرة التصفيق وصوت الطبل الذي لا يتوقف ويأتي من أحد البيوت في الحي ، وعن الحلوى التي كانت توزع هناك والبسكويت الصومالي، وبسكويت ” أبو ولد ” الأصلي من اليمن السعيد ، والشراب والعلكة وSaloolka.
وأما نشرة الأخبار في الصباح الباكر فقد كان تأتي من ثلاثة مصادر مهمة : الرجال يسمعون الأخبار بعد صلاة الفجر وذالك حين يجتمعون خارج المسجد ، والنساء يسمعن الأخبار حين يجتمعن عند السيدة التي تبيع اللحم ، يتبادلن الأخبار أثناء ذبح السيدة للماشية ونزع الجلد منها ، وتقطيع شرائح اللحم وأعضائه ، بعض السيدات يجلسن على أحجار موجودة هناك وبعضهن يقفن ، والجميع يسمع أخبار العالم في السابعة صباحا من BBC.