كلما ابتعدت عن السياسة وحرف السين والقاف في الصومال،لا تنجو من شظاياها بل تحيط بك من كل جانب،ولو اعتزلت على رأس جبل تأتيك الشظايا من تحيت ومن عل،فكم من بدويّ في مرعاه أو مزارع في مزرعته أوداهم القصف العشوائي بالطائرات المسيرة،ومدني في وسط الشارع أوعامل في مكتبه أوطالب في مدرسته أو عابد في مسجده لقي حتفه بالرصاصات سابقا ،وبالتفجيرات حديثا،تلك البلايا والرزايا من وزر الساسة ومن يساعدهم ويواليهم عالميا أو داخليا،ومع ذالك الحياة تسير وتزدهر، والشعب الصومالي صبور متفائل لا يقنط من السلام والوئام، وأنّ يوما قريبا سينزل النصر و يحلّ الفرج، وتنكشف الغمة، فعوامل الوحدة فينا متجذرة، لكن الشياطين حال دونها، والمصلحون ناموا عنها،، فساد في البلاد غير مسوّد.
عشرون عاما ولّت من تجربة عرتا 2000م—2020م، يتفق الجميع أنها كانت خطوة بالاتجاه الصحيح نحو بناء الدولة الصومالية،فبعد إفشال حكومة عرتا برئاسة الريس عبد القاسم صلاد(أغسطس 27, 2000 – أكتوبر 14, 2004م)، وعجزها عن تخطي العوائق الداخلية والخارجية، اتجهت ومعارضوها من الصوماليين وغيرهم إلى مدينة ألدريت في كينيا ، وعقد مؤتمر سلام يجمع بين الفرقاء الصوماليين ،حكومة ومعارضة ووفودا من أعيان المجتمع المدني ،وبعد جذب وشدب بنيت على مبدأ تقاسم السلطة انطلاقامن مصالحة عرتا 4.5، لكن بإعادة التمثيل داخل القبيلة وبمقياس SRRC، وبتهميش القوة الصاعدة من الإسلاميين إقصاء للطيف الآخر، واختار البرلمان الانتقالي بأغلبية ساحقة بالرئيس العقيد عبد الله يوسف(2004 – 2008) في إيمبغاتي-كينيا، وخطب خطبته السياسية بتحقيق السلام الشامل و بناء دولة قوية عادلة، وبدأ البرلمان الانتقالي يناقش باستقدام جنود أجنبية من دول الجوار أوغير الجوار لبسط السلام وهيبة الدولة بقوة العسكر والبندقية، وتللك القشة التي قصمت ظهر البعير، فالصراع الصومالي الصومالي يمكن حلّه وأكثره مناوشات لا تدوم طويلا ،أما استقدام جنود أجنبية ومن دول الجوار اعتبره البعض غزاة محتلين ،وحولت المشهد إلى معركة عالمية مفتوحة ، وزادت الطين بلة،و الحرب بالوكالة وبتمويل عالمي معضلة لا تنتهي أبدا،
قد استقبلنا الرئيس عبد الله يوسف في الخرطوم وكنتُ حينها طالبا في الخرطوم السودان ،و كانت مفاوضات الخرطوم ببنه وبين اتحاد المحاكم تعقد بين الفينة والأخرى، والحوارات الساخنة تتواصل على الهواء والقنوات الأخبارية ،والحروب تجري على الأرض من هنا وهناك بين أنصار المحاكم ومقرهم مقديشو وجنود الحكومة وحلفائها من الأثيوبيين ومقرهم الرئيسي بيدوا، ووصلت المفاوضات الى طريق مسدود،وبدأ المواجهات، وأبيد الشعب الصومالي من جديد، ونزح سكان العاصمة، واستولت الحكومة الفدرالية العاصمة وبدبابات حلفائها من الأثيوبيين وغيرهم، وبدأت فترة المقاومة الإسلامية وإعادة تحرير الصومال،وبخلاصة الخلاصة جماعة المحاكم الإسلامية كلّهم لم يكونوا بررة أتقياء، وجماعة الحكومة الفيدرالية لم يكونوا كلّهم وطنيين شرفاء، بل الحقيقة الغائبة أنها لم يكن في أيديهم القرار والسلطة، فهنا جنرال غبرو وأيمصوم تقود العمليات بالحديد والنار،وتقصف الأحياء السكنية والأسواق من القصر الرئاسي،وبالجانب الأخر من بينهم النبهاني وفاضول القمري وزملائهم يقودون المعارك، والصوماليون وقود حرب وضحايا حكومة وشعبا ومحاكما،ودمرت العاصمة تدميرا،لامثيل لها في التاريخ، وحادثة مسجد الهداية لم يؤرخ لها أحد،
عجزت حكومة إيمبغاتي(2004 – 2008) إدارة البلاد وأفشلها حلفائها الذين أنهكهم الحرب فانسحبوا، وفصائل المقاومة ودول الجوار وسياسيو تحالف أسمر الذي فاز فيما بعد بانتخابات جيبوتي 2009م.