دراسة الواقع والتجارب الناجحة من ميزات هذا العصر أيّا كان مصدر ذاك النجاح، فتجربة رواند حديث الساعة اليوم لنسخها في مثيلاتها في العالم ،و تقييم الجهود البشرية بعد طرحها وتفاعلها مع البشر و البيئة والواقع والزمن المسيطر لكل عمل يحصل بالمخرجات والنتائج لا بالادعاآت والتظاهرات الإعلامية، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه ومذهبه، وللناس فيما يعشقون مذاهب ولا ينكر الفضل لأهل الفضل إلا معاند، والإنصاف عزيز،وطالب الحقيقة يذعن للحقّ لا للهوى والتحزب، وكما يقال الصدق قمن أن يسمع، والحقّ أحقّ أن يتبع، بعد هذه الاطلالة أحاول طرح الاستفسار داخل المجتمع الصومالي،وتقييم التجارب الدّعوية الناجحة بناء على مشاهداتي مع أني من أبناء جيل الألفية من فئة “x “وهم من ولدوا مابين 1980-2000م وذا أكثر جيل في العالم اليوم، والأكثر انفتاحا ووعيا ممن سبقهم كما تشير تقارير التنمية الإنسانية،ولو رجعت ذاكرتي للوراء وفي مدينة بلدوين حاضرة إقليم هيران كان هناك صراع مستمر بين قادة الدعوة السلفية وبقيّة المجتمع الصومالي آنذاك.
وأتذكر حادثة حرق الخلوة القرآنية ليلا في حّلتنا بسبب منهج معلّمها الربّاني في تعليم الناشئة القرآن الكريم بالتجويد والترتيل، ورفضه المنهج الشائع المتبع لدى أرباب الطرق الصوفية آنذاك، وكذالك ألزم المعلم البنات بارتداء الججاب مما أثار حفيظة المجتمع القائلين بأنّ ترك العادات من سابع المستحيلات، فإذا كان العلماء من الاتجاهات الأخرى لم يتجرءوا بإحداث التغيير بل سايروا الواقع وداهنوا الدولة ورجالاتها وأخذوا الأعذارالمبيحة فرضا،فإن هناك رجالا شجعان صدقوا ماعاهدوا الله عليه، وقالوا:” لانخاف لومة لائم والجماعة الحق ولوكنت وحدك”؟.
واليوم وبشهادة الكلّ نرى المخرجات حيث جميع الخلاوي القرآنية في المجتمع الصومالي تدرس بالتجويد أيّا كان اتجاه المعلم،وأما الحجاب فهو الزيّ المدرسي لكل مدرسة، في الصومال الكبير أيا كان لون صاحب المؤسسة فهو مطلب شعبي لا يمكن حيادته قيد أنملة.
في الأسبوع الفائت كان الإعجاب يسيطر مواقع التواصل الاجتماعي برقم قياسي كبير بحفلة التّخرج لخريجات جامعة النجاح – المحروسة – في برعو اللائي يعتزن بدينهن وحجابهن، وفي رحاب جامعة تتبنى الأصالة أي التمسك بالأصلين، والمعاصرة بتحديث الوسائل ومواكبة المستجدات،وهذا شعار المؤسسات التعليميّة التي يديرها السلفيون روّاد التغيير في المجتمع الصومالي،وقادة الدعوة سواء كانوا في الوطن الحبيب أو المهجر فلا حفلات ماجنة ولا دعوة للفنانين والراقصات في حفلاتهم ولا عري اواختلاط لدى الجمع الكريم، والسادة الحضور حسب أدبياتهم وبرتكولات مراسم الفرحة والتخرّج ،بينما بعض الاتجاهات الأخرى يرى بإجرا ء عملية تجميلية لوجه الإسلام تمييعا وتفريطا ليناسب العولمة مع المفاصلة الشديدة بينهما ، إنّ حكمة الثبات والمرونة لا يجيدها إلا من ملك البصيرة والعلم الشرعي، وأرقى أسلوب للدعوة هي الحكمة (يؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) البقرة:269.
الظفرة الثانية (ريادة دور القرآن والمعاهد الشرعية للجيل الناشئ):
إنّ جيل الألفية من طائفة Y وهم من ولدوا منتصفات التسعنيات،وبداية الألفيّة أي1997 م، وما بعده يختلفون عن من سبقهم وهو جيل المنصات والمواقع والمشاركات في الأحداث الجارية عبر المنابر المفتوحة وفضاء الانترنت والمتفسبكون واليوتوبات ،وجيل شيخ جوجل لا الكتب الورقية ،والمكاتب البعيدة والرفوف، فقد بدأ روّاد الدعوة والتغيير بنقلة نوعية تناسب الظفرة وهي دور القرآن وهي عبارة عن دمج الخلاوي القرآنية بالمرحلة الأساسية حيث يدرس الطالب القرآن الكريم بالفصل المدرسي صباحا وفي المساء مستواه من المرحلة الابتدائية أوالإعدادية أو العكس، وشعارهم جيل قرآنيّ بنظام دراسي في آن واحد.
وقد كان الجيل الصامت التقليدي جيل ماقبل التكنولوجيا يمنع الأولاد من الالتحاق بالمدارس قبل أن يكملوا القرآن مما أدى الى التسجيل المتأخّر أو التسيب عن المدراس النظامية ،وأخيرا استجابة لاهتمامات الجيل الرقمي وعصرنة الدعوة ظهر في الساحة مدارس الانترنت لتلقي القرآن عن طريق أونلاين وتلقى الدروس الدينية عبر الوتسآب والقنوات،مما أدى الى توعية جيل z،ورقمنة العلم والدعوة.
الثانويات- والمعاهد الشرعيةالثانوية العامة من المراحل الدراسية للنظام التعليمي، ولكن عزوف الكثير من شباب جيلy ، من دروس الحلقات والادعاء بأن العالم عالم شهادات ،وعدم تطوير الحلقات في المساجد أدى إلى ظهور نموذج فريد في الدعوة وتغيير ثقافة المجتمع ألا وهي المعاهد الشرعية التي لها مستويات كثيرة إلى الثانوية ، وأصبحت من مطالب الأسر الصومالية لتربية أولادهم بالدّين الإسلامي والأخلاق الفاضلة حيث يسجل الطالب أو الطالبة من المعاهد مع مواصل دارسته الثانوية حتى يكون الناشئ عارفا لدينه ودنياه معا،ومن اقتصر بكلا النظامين فله الاختيار.
وأخيرا تلك مشاهداتي من التاريخ والواقع، ولعلّ القارئ يستفسرني من هم السلفيون في الصومال؟، وأقول: ينتمي إليها الجميع وقد يظلمها الجميع، فاستفسر نفسك؟ لعلّك منهم من حيث تدري أولا تدري .