كشف اللقاء الذي جمع بين الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو ورئيس إقليم أرض الصومال موسى بيحي عبدي في جيبوتي أن حسم قضية صوماليلاند أمر بالغ الصعوبة في الوقت الراهن.
كسر الجمود
قال عبد الناصر معلم المحلل السياسي الصومالي، إن اللقاء الذي عقد بين الرئيس الصومالي ورئيس أرض الصومال برعاية جيبوتي بعد خمس سنوات من توقف المفاوضات بين الدولة والإقليم تكمن أهميته في كسر الجمود الذي أحاط بهذا الملف منذ أن جاء فرماجو إلى حكم البلاد وإعلان الالتزام بالوحدة بين شمال وجنوب الصومال.
ويرى مراقبون أن اللقاء جاء بعد سنوات من الجمود منذ تولي فرماجو الحكم، وتوقفت الأمور عند إصرار بيحي عبدي وفرماجو كل على موقفه، فلا يستطيع الرئيس الصومالي منح الاستقلال للإقليم ولا يستطيع رئيس الإقليم القبول بالوحدة، لذا يعد اللقاء خطوة جيدة لكسر الجمود برعاية دولية تدفعها المصالح السياسية والاقتصادية.
وأضاف المحلل السياسي لـ”سبوتنيك”، لكن اللقاء الذي عقد لم يحرز أي تقدم في القضايا العالقة، ولم يكن متوقعا أن يحقق سوى كسر الجمود نظرا لانعدام الأجندة المحددة للتفاوض لدى الطرفين علاوة على أن قضية الانفصال والوحدة منذ بداية التفاوض تسيطر عليها المراوغة وعدم الثقة، حيث دارت المفاوضات حول مسائل ثانوية كالمساعدات وبرامج التنمية والاستثمار، وتشكيل لجان تحضيرية تمارس عملها في جيبوتي تعمل لاستئناف المفاوضات.
الوحدة والانفصال
وتابع المحلل السياسي: “كل المتابعين للشأن الصومالي يعلمون جيدا أن هذا اللقاء تكمن أهميته في كسر الجمود وتجاوز رؤية السياسيين في الشمال” الرئيس فرماجو” والذي يرون أنه يحمل كره وعداء لصوماليلاند على خلفية تصريحه بتمسكه خيار الوحدة بين الشمال والجنوب، إلى جانب انتمائه لعشيرة الرئيس الأسبق محمد سياد بري الذي يتهمه سياسيو الشمال بأنه المسؤول عما يصفونه بالعدوان والجرائم وتوقع معلم أن تظل الأوضاع السياسية على حالها، وأن تلي هذا الاجتماع اجتماعات أخرى تحرز تقدما في حل قضايا فرعية، وتأجيل مناقشة القضية المحورية وهي الانفصال والوحدة إلى اجتماعات غير محدودة الأجل في الوقت الحالي.
تتويج للجهود
ومن جانبه قال عبد الرحمن إبراهيم عبدي الباحث في مركز مقديشو للدراسات، يبدو أن القمة التشاورية في جيبوتي بين الرئيس الصومالي ورئيس صوماليلاند جاءت تتويجا لجهود طويلة استمرت لعدة سنوات.
وأضاف الباحث الصومالي لـ”سبوتنيك”، أنه منذ انتخاب الرئيس محمد عبد الله فرماجو رئيسا للصومال عام 2017، هناك لقااءت سرية بين مسؤولين في الصومال وأرض الصومال برعاية إثيوبية، كذلك لا يمكن قراءة المفاوضات بين الطرفين بعيدا على التحولات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة القرن الإفريقي منذ أن جاء رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إلى السلطة عام 2018.
وتابع عبدي، كان آبي أحمد يرفع شعار التكامل والاندماج الإقليمي والاستفاده من مقدرات دول المنطقة ولاسيما الموانئ الصومالية وبالذات موانئ إقليم أرض الصومال، وبالتالي كان لزاما أن يقوم بإيجاد حل نهائي لملف الإقليم الذي أعلن انفصاله عن الصومال عام 1991 أو على الأقل احتواءه، وقام بعدة اتصالات مع الطرفين ونحج في شهر فبراير/شباط الماضي أن يعقد لقاء مباشرا بين رئيس الصومال فرماجو ورئيس أرض الصومال موسى بيحي عبدي على هامش القمة الإفريقية في أديس أبابا، وحاول بعدها أن يقوم الرئيس الصومالي فرماجو بزيارة إلى هرجيسا، لكن فيما يبدو الحكومة الجيبوتية أبدت اعتراضها على هذه الزيارة باعتبار أنها كانت راعية لعدة جولات من المفاوضات بين الحكومة الصومالية إقليم أرض الصومال، وبعدها تم الاقتراح بعقد هذه القمة في جيبوتي.
النتائج المتوقعة
وقال عبدي، بحسب رأيي تستغرق المفاوضات وقتا طويا وستكون هناك جولات وجولات ولا يتوقع أن يتوصل الطرفان لحل عاجل، وذلك بسبب المواقع المتباعدة بين الطرفين والأوضاع غير المستقرة الراهنة في جنوب الصومال، حيث من الصعب أن تتخذ الحكومة الصومالية قرارا يسمح بانفصال إقليم أرض الصومال، كما أن الطرف الآخر لا يجرؤ على أن يقبل البقاء على الوحدة، لكن يمكن أن تثمر الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي والقوى الاقليمية ولا سيما إثيوبيا عن اتفاق بين الجانبين على حل وسط يمنح أرض الصومال استقلالا بحكم الواقع وليس بحكم القانون، وأن تكون قراراتها مستقلة فيما يتعلق بشؤون المساعدات الخارجية والاستثمار الأجنبي، وإثيوبيا تسعى إلى تحقيق ذلك بغية الاستفادة من الموانئ الصومالية الواقعة على خليج عدن
وأوضح الباحث بمركز مقديشيو، أن الرئيس الصومالي يعلق آمالا على هذه المفاوضات، وأنه يسعى إلى استخدامها كورقة لتأجيل الانتخابات، وهناك مؤشرات على تطابق رؤى دول إقليمية مثل إثيوبيا وإرتيريا مع رؤية الحكومة الصومالية بشأن تأجيل الانتخابات، كما أنها ستكون انتصارا معنويا يساعد الرئيس فرماجو على إعادة انتخابه لفترة ثانية.
حيث استضاف الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي، يوم أمس الأحد، أول لقاء علني ورسمي بين رئيس الصومال محمد عبد الله فرماجو ورئيس إقليم أرض الصومال موسى بيحي عبدي بحضور رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
من جهتها رحبت رئاسة الصومال باللقاء المرتقب، في حين لم يصدر أي بيان رسمي من قبل إدارة أرض الصومال بخصوص الاجتماع.
وأوضح الناطق باسم الرئيس الصومالي عبد النور محمد أن الرئيس فرماجو منفتح على جميع الجهود التي تؤدي إلى مفاوضات مثمرة مع أرض الصومال.
وأكد عبد النور أن اللقاء يتماشى مع نهج الرئيس فرماجو التصالحي، ويعزز مواقفه إزاء ديمومة رابط الأخوة بين الصوماليين.
المصدر: “سبوتنيك”