تنبأتُ قبل فترة ما تحمله الأيام القادمة من المفاجآت، وقد حصل فعلا ما توقعت به، واستغرب كلامي بعضُ الأحبة، واتهموني بأني متشائم؛ ولكنَّ القضية ليست قضية التشائم، والتفكير بالسلبيّات وإنما هي قراءة الأحداث، واستعراض الأسباب وما ينتج عنها من المسببات. وكان مما كتبت يومئذ:
كما هو معلوم انتهى اجتماع المسئولين في “حلني” بالفشل، وبادرت الحكومة المنتهية صلاحيتها بإعلان فشل الاجتماع!
التوقعات التالية ستكون على الطاولة:
1- سيُصدر مجلس الشعب المنتهية صلاحيته تمديدا لفترة الرئيس مدة لا تقل عن سنتين.
2- سيصدر الرئيس قرارا سيُفضي إلى إجراء انتخابات في غضون سنتين، بصوت واحد للشخص الواحد، هذا مما يعطي فترة طويلة لمجلس الشعب ورئيس المجهرية؛ ليكوَّن قوَّة تأهله للبقاء على الحكم في فترة طويلة، وإدارة الانتخابات لصالحه.
3- سيٌصدر مرسوما بسيادة القانون، مما يتيح له فرصة للهجوم على الولايات المتمردة، وإخضاعها وبسط سيطرته عليها، اقتداء بزميله أبي أحمد!
4- وبجانب ذلك سيهجم على الأشخاص المؤثرة في المجتمع من المثقفين، ورؤساء العشائر، وقادة الأحزاب، وأصحاب الشركات، وكل من يشم منه رائحة معارضة حكمه.
5- سيُحاكم بعض المعارضة السياسيين بتهمة الخروج على القانون، والعلاقة بالدول المعادية للوطن!
6- سيُصدر مرسوما لجلب أمول ورسومات زائدة على الشركات وأصحاب الحرف المختلفة لتسديد تكاليف الجيوش والعمليات القتالية، وأي شركة ترفض تدفع هذه الأموال سيتهم بغسيل الأموال، والعلاقة مع حركة الشباب.
7- سيقرر كل من “أرض جبة” و”أرض البنّ” أنهما انسحبا عن عضوية الدولة الإتحادية، وأنهما لا يعترفان تمديد فترة الرئيس.
8- بدوره سيصدر “فرماجو” قرارا يقضي بوسم الولايتين بالتمرد على الدولة، والخروج على القانون، وسيشن هجوما إعلاميا، وعسكريا، واقتصاديا عليهما. وسيفح عليهما جبهات عدة من “غدو” بالسبة “لأرض جبا”، ومن “غلمدغ” بالنسبة “لأرض البن”.
9- بدورهما الولايتان لا يستسلمان ل”فرماجو” ستقدم ولاية “أرض” البنَّ” توقيع اتفاق تعاون مشترك مع “أرض الصومال” المجاورة؛ لأن كلا من الجانبين يعلم أنه سيأتي يوما من الأيام دوره؛ وسينطلقان من استراتيجية ” عدو عدوك صديقك”، كما يطلبان النجدة من الدول المعادية ل”فرماجو” وسياسته!
10- المعارضة في مقديشو، ستُحرك قاعدة شعبية، ضد الرئيس، وسيُفح عليه جبهات عدة في الولايات المحيطة بالعاصمة، مما سيعطي الشباب فرصة ذهبية؛ لشن هجمات ملاحقة على العاصمة ونواحيها!
11- سيستخدم الرئيس الجيش بجميع مكوناته من “هرمعد” غرغر” ومعاويس لي” والمخابرات لسحق المعارضة، والهجوم على الولايات؛ مما سينتهي بانهيار الجيش، وانقسام الشعب، وانتشار فوضة في طول البلاد وعرضه، مما يعيد البلد إلى حالة تشبه أيام الحروب الأهلية!
ما رأيك أنت؟
واليوم سأضيف إلى رؤيتي في الأحداث المتسارعة، وأتساءل، هل من سبيل للتجنب عن المصادمة المسلحة في الوقت الراهن في العاصمة؟
الجواب عن هذا السؤال مبني على تصور القضية الموقدة النار، والمسببة للانقسامات الشعبية، والقيادية، وهي قضية الحكم، كما هو معروف عقد أغلب الشعب الصومالي عقد صلح فيما بينه بعد حرب أهلي طويل، وهذا الصلح كان يعالج القضية المحورية التي كانت وراء الحرب الأهلي، وهي قضية إدارة الدولة، ومما اتفق عليه، – وهو واجب التنفيذ لأن المسلمين على شروطهم – أن تجرى في البلد انتخابات في كل أربع سنوات؛ للجنب احتكار شخص واحد الحكم، وتحويل الدولة إلى شركة أسريَّة، واستخدام إمكانية الدولة لسلب حقوق الآخرين، وتصفير حرياتهم، والتصرف بموارد الدولة بلا رقيب ولا حسيب .. هذا الاتفاق ألغاه رئيس المنتهية صلاحيته، وفضّل البقاء على الكرسي رغم معارضة أغلب الشعب، ومخالفة المعاهدة المبرمة… إذن مفتاح انهاء الأزمة والتجنب عن المواجهة المسلحة في يد الرئيس المنتهية صلاحيته، فإن أرجع الكرسي الذي اغتصبه إلى شعبه؛ فإن المشكلة ستنتهي بكل بساطة، وإن فضلَّ أن يمسكه بكلتا يديه، ويحكم الناس بالنار والحديد، شاءوا أم أبوا؛ فإن النتيجة الطبيعية ستكون ” لا بفلُّ الحديد الّا الحديد” وما أخذ بقوّة لا يسترد إلا بقوة. أو كما يقول الصوماليون: ” العضة بالعضة”.
واللجوء إلى هذه الوسيلة والتسلح، ومحاولة استرداد الحقوق بالقوةّ، يظهر عيانا في جوّ العاصمة، والولايات المرفوضة البقاء على الكرسي بدون التراضي والتوافق. ومما يدل على هذا:
1- العاصمة مقديشو لتتأرجح الليلة بالثكنات العسكرية، ورواج بيع السلاح وشرائه، وارتفاع سعر السلاح، وهي أهم بضاعة لها راج في الأسواق، بينما توقف بيع الأراضي، وبناء العقارات، وإقراض العملات.
2- انقسمت العاصمة إلى مناطق مغلقة، وكل منطقة يحكمها شخص معين سواء كان عسكريا أو سياسيا، أو عريفا!
3- أغلقت جميع مكاتب للسياسيين؛ لعدم جدوى اللعبة السياسة في الوقت الراهن، والبحث عن بديل آخر!
4- الرئيس السابق حسن الشيخ محمود أنشأ اليوم قاعدة عسكرية وإدارية تابعة له في منطقة “عبد العزيز” عند قاعدة “مِرَنَايُ”.
5- كذلك الرئيس السابق الشيخ شريف قد أسس ثكنة عسكرية في ديرة “ياقشيد”
6- كما أن رئيس الوزراء السابق على حسن خيري والسياسي عبد الشكور أنشا قاعدة لهما في كل من منطقة ” مهدن وهول وداغ”
7- استنفر الرئيس المنتهية صلاحيته جميع الجنود المنتشرة خارج العاصمة، واستقدمهم في العاصمة.
8- كذلك قلّد قيادة الجيش للمقربين إليه، بينما عزل عددا من الضباط الذين لا يمكن الاعتماد عليهم في وقت الحرب.
9- هذه الأجواء تدل على أن العاصمة حبلى، وأنها وشيكة أن تنجب مولدا مشئوما يعيد أذهان سكانها إلى أزيز المدافع، وقعقعة السلاح..